دكتور زكريا صلاح يكتب .. المسئولية المجتمعية جزء هام من إستراتيجيات المؤسسات

ليس من شك في أن التكاليف التي يمكن أن يتحملها البنك في سبيل تنفيذ متطلبات مسئوليته المجتمعية ستنعكس بالإيجاب عليه

تمثل المسئولية المجتمعية جزءا هاما من إستراتيجيات المؤسسات ، كأحد الجوانب الهامة التي يتم بها تقوية سمعتها والتأكيد على دورها ومساهمتها في المجالات التنموية المختلفة، لافتا إلى أنه يجب أن تركز المسئولية المجتمعية للبنوك على محاور التنمية المستدامة ، الممثلة في المساهمة في النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة.

وعادة ما يتبادر إلى الأذهان دائما أن المسئولية المجتمعية تتمثل في إعطاء الزكاة أو العطف على الفقراء ، من خلال تقديم الصدقات أو مساعدة ذوى الاحتياجات الخاصة، موضحا أنه رغم أهمية هذه الأوجه إلا أن المسئولية المجتمعية للبنوك تتعدى مثل هذه الأمور ، فالبنوك مؤسسات مالية لها دور كبير في المجتمع ، ولها عملاء بالملايين.

وتبدأ المسئولية المجتمعية للبنوك من عملية إصدار المنتجات والخدمات المصرفية وتسويقها للعملاء ، حيث يجب أن تأخذ في اعتبارها الجوانب الأخلاقية والشفافية وعدم الإضرار بالمجتمع ، وأن تضع مصلحة العملاء فوق مصلحتها ، لأنها المؤتمنة على كل العمليات المالية التي يقوم بها الأفراد والشركات ، ثم تمتد إلى الجوانب المتعلقة بالمجتمع ذاته.

ويجب أن تهتم البنوك بذلك الأمر عن طريق الاهتمام بالعنصر البشرى داخلها والتركيز على تحسين مستوى المعيشة وبيئة العمل ، إتباع الشفافية في عملية إصدار المنتجات والخدمات المصرفية ، وشرح فوائدها وتوابعها للعملاء ، حتى لا يتم توريطهم على سبيل المثال في ديون أو عمليات خاطئة تؤدى إلى استنزاف مواردهم المالية ، وكذلك عدم المغالاة في وضع تعريفة ورسوم الخدمات المصرفية ، وإتباع معايير الجودة في التعامل مع العملاء وحساباتهم والشكاوى التي يتقدمون بها ، وفى ذلك تحقيق للعدل والمساواة كأحد أوجه المسئولية المجتمعية.

كما أنه على البنوك أيضا مراعاة الحد أو التقليل من تمويل الأنشطة الضارة بالمجتمع والبيئة ، مثل المشروعات التي ينتج عنها كميات كبيرة من الانبعاثات الكربونية أو التي تصرف المواد الكيماوية في المصارف المائية وغيرها ، والتقليل من طباعة أو استخدام الأوراق ، بحيث يتم فرض رسوم حتى لو بسيطة في حالة طلب العملاء كشف حساب مختصر من ماكينة الصراف الآلي أو إشعار بالعملية التي تمت ، وبالتالي نقلل من قطع الأشجار التي تمثل مصدر حماية للبشرية.

وعلى البنوك أيضا المساهمة في المشروعات والقيام بالمبادرات التي من شأنها الحفاظ على البيئة ، مثل قيام أحد البنوك بتخصيص مبادرة بميزانية لزراعة ألف شجرة في محيط فروعه أو الميادين والشوارع العامة ، والمساهمة في المشروعات والقيام بالمبادرات التي من شأنها الحفاظ على التراث والإرث الحضاري ، مثل قيام احد البنوك بتخصيص مبادرة يرصد لها ميزانية لتطوير المتاحف ، بجانب القيام بالمبادرات التي من شأنها رعاية الموهوبين في كافة المجالات من نشء وشباب وكبار ، والتي من شأنها إيجاد القدوة والمثل الواجب أن يحتذي به ، إضافة إلى رفع اسم الدولة في المحافل المختلفة ، وكذا تقديم المنح الدراسية في كافة المجالات.

كما تتضمن تلك المقترحات أيضا تخصيص قدر من التمويل في صورة قروض حسنة لدعم أنشطة ريادة الأعمال ، وتبنى المشروعات المتناهية والصغيرة وأصحاب الاختراعات ، بجانب دعم المؤسسات التي لا تهدف إلى الربح والتي لها دور مجتمعي ملموس وتقييم تجارب المشروعات المختلفة.

على البنوك عدم ربط مسئوليتها المجتمعية بخطط الأعمال التي تقوم بها أو تحقيقا لمصالحها فقط ، ولكن يجب العمل مع موظفيها وعائلاتهم وأصحاب المصالح والمجتمع المحلى والمجتمع بأكمله لتحسين مستوى المعيشة بأسلوب يخدم تحقيق أهداف البنك وموظفيه ، وأهداف التنمية والمجتمع ككل.

ليس من شك في أن التكاليف التي يمكن أن يتحملها البنك في سبيل تنفيذ متطلبات مسئوليته المجتمعية ستنعكس بالإيجاب عليه ، سواء في مجال زيادة الأعمال أو الربحية أو السمعة وغيرها من الفوائد.

دكتور زكريا صلاح

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى