حسن إبراهيم يكتب .. التمويل متناهي الصغر بعد كوفيد- 19

 

عاصرنا خلال العام الجاري أزمة تفشي فيروس كوفيد-19 وما تبعه من فرض عدد من المعوقات الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى توقف وتعطل كثير من المشروعات باختلاف أحجامها، لكن في الوقت نفسه رسمت الأزمة ملامح خارطة طريق جديدة لنوعية هذه الأنشطة ووضعت حجر الزاوية لانطلاقها ومضاعفة أعمالها لاسيما بعد الضوابط الاحترازية واجراءات التعايش المطبقة عالمياً، ليأتي على رأسها صناعة التمويل متناهي الصغر.
ومن المعروف أن قطاع التمويل متناهي الصغر هو بوابة المرور لدعم وتوفير الاحتياجات التمويلية للقطاع غير الرسمي، الذي يعمل به 63% من إجمالي المشتغلين في جميع القطاعات الاقتصادية (1)، ومن هنا يظهر الدور المحوري للقطاع خاصةً أن الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية ستعاود نشاطها بكثافة وهذا هو المنطقي بعد انتهاء أي أزمة تؤثر على الاقتصاد وبالتالي تضاعف طلبات الحصول على التمويلات.
وأُرجح أن يقابل هذا الطلب المتزايد ارتفاع شهية كيانات التمويل متناهي الصغر للانتشار الجغرافي والتوسع الأفقي بهدف اختراق مزيد من المناطق الجغرافية والوصول إلى الفئات المستهدفة، وهو ما تؤكده التصريحات الأخيرة للدكتور محمد عمران رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية بالموافقة على فتح 114 فرع لـ 8 شركات تمويل متناهي الصغر في كافة محافظات الجمهورية.
وبذلك تطرح أزمة فيروس كوفيد-19 فرصاً جديدةً لجذب شرائح متنوعة من المستفيدين المحتملين وتعزز النمو المتسارع لحجم الطلب على التمويل متناهي الصغر، لاسيما في ظل تحركات الحكومات والمؤسسات لرقمنة المعاملات المالية وإتاحة منتجات إلكترونية مبتكرة تناسب جميع الفئات، منها النانو فاينانس Nano Finance، الذي أطلقته “الرقابة المالية” لتوفير التمويل لشرائح مختلفة منها صغار المزارعين والمشروعات المنزلية والباعة باليومية والباعة الجائلين، وفقاً لما ذكره رئيس الرقابة المالية.
وهو ما تؤكده مؤشرات التقرير الأخير الصادر عن الهيئة العامة، إذ جذب منتج النانو فاينانس خلال فترة قصيرة نحو 2.456 ألف مستفيد بقيمة 577.3 ألف جنيه بنهاية الربع الأول من 2020، ويسيطر النشاط الزراعي على نصيب الأسد من عدد المستفيدين وإجمالي التمويلات بنحو 45.5% و46% على الترتيب.
وأرى أن منتج النانو فاينانس سيفتح آفاقاً واسعة لصناعة التمويل متناهي الصغر من خلال إضافة التكنولوجيا للجوانب التمويلية والتي تعتبر حديثة العهد بصناعة التمويل متناهي الصغر، ويبرز بذلك دوره في تدريب وتأهيل المستفيدين على الاستعانة بالأدوات التكنولوجية دون قلق، إضافة إلى قدرته على تغطية الفئات المهمشة والفئات الأكثر احتياجاً للخدمات المالية في كافة مناطق وربوع مصر، ليعتبر نواة إيجابية للانفتاح على التكنولوجية المالية واستكمالاً لآليات تطبيق الشمول المالي.
وكما أطلت علينا أزمة كوفيد-19 بالحاجة الماسة للتحول الرقمي، فإنها وضعت نصب أعيننا الدور المحوري الذي يلعبه قطاع التأمين متناهي الصغر في تقليص حجم المخاطر المفروضة على القطاع، وهنا أود أن أشيد برؤية الهيئة العامة واستراتيجيتها لنشر ثقافة التأمين بصورة عامة والتأمين متناهي الصغر خاصة، فقد أسهمت قرارتها في خفض المخاطر المحتملة خلال فترة الأزمة، بجانب جهودها في تحفيز القطاع أبرزها السماح بتأسيس شركات تعاونية متخصصة فى تغطية المخاطر المرتبطة بالمشروعات متناهية الصغر.
وختاماً أؤكد أن التأمين متناهي الصغر أحد الوسائل الحيوية لمنح البسطاء ومحدودي الدخل حقوقهم في الحصول على تغطية تأمينية تتناسب مع دخولهم، فهم أكثر الفئات تضرراً من أزمة كوفيد -19 بعد تراجع قيمة مبيعات منتجاتهم تأثراً بالأزمة، وأتوقع أن يتصدر التأمين متناهي الصغر المشهد في المرحلة المقبلة كأحد الخدمات المالية غير المصرفية الداعمة لقطاع يخدم ما يزيد عن 4 ملايين عميل.
المدير العام للإتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى