محمد عبد العال يكتب .. “إنستا باى” نجمة نجوم العام

 تُعد المنظومة الوطنية للمدفوعات اللحظية من أهم مشروعات البنية التحتية لنظم الدفع التي يرعاها البنك المركزي

تُعد المنظومة الوطنية للمدفوعات اللحظية ، التي تم إطلاقها في إبريل 2022 ، من أهم مشروعات البنية التحتية لنظم الدفع التي يرعاها البنك المركزي، لتكون بديلًا متكاملًا للمدفوعات النقدية ، حيث تتيح كافة خدمات التحويلات للعملاء لحظيًا طوال أيام الأسبوع على مدار 24 ساعة.

وقد شهدت المنظومة زيادة كبيرة في حجم المعاملات المنفذة من خلالها ، بلغت 404 ملايين معاملة بقيمة 815 مليار جنيه في عام 2023 من خلال تطبيق إنستا باي (InstaPay) وقنوات البنوك الإلكترونية ، ووصل عدد مستخدمي الخدمة لما يزيد عن 6.5 مليون عميل ،

ولذلك كانت “إنستا باي” أداة التحويل الرقمية الأكثر جاذبية والأكثر رشاقة ، مُقارنة بالتحويلات النقدية التقليدية ، لأنها كانت الأسهل والأسرع والأدق والأقل كلفة ، ولذلك في تصورى تستحق أن تكون نجمة نجوم العام للمنتجات المصرفية عن عام 2023 وربما الأعوام القادمة.

حقيقة الأمر إن ما استهدفه البنك المركزي لم يكن جديداً بل كان صفحة جديدة فى استراتيجية مسايرته للتطور العالمي على مستوى المبادلات المالية والاقتصادية ، واستخدام التطبيقات الإلكترونية التي من شأنها أن تحقق الأهداف القومية للشمول المالي ، وتُعبر عن أهداف المجلس القومي للمدفوعات ، وأيضا تطبيقاً لما ورد في قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي ، من أهمية التوجه باقتصاد الدولة نحو الإقتصاد الرقمي.

ولكي يحفز البنك المركزي العملاء على استخدام التحويلات النقدية التقليدية منها أو الرقمية ، مع جعل الأخيرة أكثر جاذبية ، وضع في توجيهاته للبنوك حزمة منوعة من الضوابط والمُحفزات تحقق السرعة في إنهاء وتنفيذ تلك الحوالات ، حيث وضع حدودا زمنية قصوى ، مفصلة لكل أنواع الحوالات ، كما سمح بإمكانية تقديم العملاء طلبات الحوالات الإلكترونية على مدى الأربع والعشرين ساعة ، كما ضمن أن تكون التحويلات الإلكترونية أرخص من مثيلتها التقليدية ، وذلك عن طريق منح مميزات تفضيلية للتحويلات الرقمية ، كإلغاء العمولات على الحوالات الواردة لطرف ثالث.

وفي إطار رؤية مصر 2030 لدعم التحول الرقمي أصدر مجلس إدارة البنك المركزي المصري مجموعة من القرارات ، ستسرى إعتباراً من أول يناير 2024 ، تتضمن استمرار إعفاء العملاء من كافة المصروفات والعمولات الخاصة بخدمات التحويلات البنكية للأفراد التي تتم من خلال القنوات الإلكترونية “الإنترنت والموبيل البنكي” بالجنيه المصري ، وكذلك الإعفاء من كافة المصروفات والعمولات الخاصة بخدمات التحويلات لعملاء المنظومة الوطنية للمدفوعات اللحظية.

وحقيقة الأمر أن هناك فرص متعددة أمام الجهاز المصرفي لتحقيق الأهداف المرجوة من رقمنة أنشطة الحوالات ، فالجهاز المصرفي يملك كل المقومات اللازمة لتحقيق خطوة كبيرة نحو المستقبل الرقمي في كل المنتجات المصرفية ، بما فيها الحوالات المصرفية ، سواء من حيث اتساع سوقها أو قيمتها ، فنحن لدينا ما يقرب من 104 ملايين مشترك فى خدمات الهاتف المحمول وبنسبة 97% من عدد السكان ، أكثر من 40% منهم يستخدمون تطبيقات الإنترنت ، ولدينا قاعدة عملاء كبيرة محتملة، فهناك نحو 33% فقط من المصريين يتعاملون حالياً مع الجهاز المصرفي ، بينما 67% من المصريين هم خارج المنظومة المالية ، ويلاحظ بشدة مدى تجاوب البنوك للاستثمار في التوسع السريع في توفير النظم والتطبيقات اللازمة لتوفير الخدمات والمنتجات الرقمية للعملاء.

على الجانب الآخر نجد أن تلك التوجيهات ، ومع توجه العملاء تدريجياً إلى استخدام التحويلات الرقمية بدلا من التحويلات التقليدية ، سوف تتحقق جوانب إيجابية في إطار السياسة النقدية ، منها المساعدة في تركز السيولة النقدية المتاحة في أيدي الناس ، والتي تخرج عن احتياجات سيولتهم المستثمرة ، لتنتقل إلى حسابات العملاء داخل البنوك ، لتكون في إطار كمية وسائل الدفع الرسمية ، وفي الحدود المخططة لتحقيق التوازن بين معدل نمو عرض النقود ومعدل النمو الاقتصادي.

ولا ننسى أيضا أن استخدام الحوالات الرقمية في ظل تزايد استخدام التطبيقات المصرفية الرقمية المتوقع من الممكن أن يؤدي نظرياً إلى تقليص معدل إصدارات البنكنوت ، من حيث العدد والقيمة والتكلفة ، بالطبع وفقا لرؤية وقرار البنك المركزي ، في إطار مهامه المعروفة.

 

بقى أن نشير إلى أمر في غاية من الأهمية ، من حيث أن التوسع في التحويلات الرقمية سوف يُحسًن من خبرة عملاء المصارف أنفسهم في مجالات التعامل الإلكتروني ويقلل من اصطفاف وتردد أعداد كبيرة من العملاء لفروع البنوك.

ويتفق الخبراء مع توجيهات البنك المركزي في أنها سوف تؤدي إلى زيادة درجة المنافسة الإيجابية مع البنوك لصالح العملاء ، من حيث جودة وسرعة الخدمة وتكلفتها ، بالإضافة إلى تمتع العملاء بالمميزات والمحفزات التي صاحبت تلك التوجيهات.

محمد عبد العال

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى