دكتور زكريا صلاح يكتب : قانون البنوك وتسوية أوضاع المصارف المتعثرة

تعرض القطاع المصرفى المصرى لمجموعة من التحديات التى تتطلبت إعادة هيكلتة وتطويره مع بداية عام 2004 مع تولى الدكتور فاروق العقدة منصب محافظ البنك المركزى فى نهاية ديسمبر 2003 الذى تبنى برنامج تطوير القطاع المصرفى الهيكلى والمالى من اجل خلق كيانات مصرفية قوية ، وإختياره مجموعة من الأكفاء لهذه المهمة من بينهم المحافظ الحالى طارق عامر الذى كان نائبا له فى هذا الوقت،وبالاستعانة والاستفادة بالخبرات الطويلة للمصرفى المخضرم محمود عبد العزيز نائب المحافظ،، حيث واجه القطاع ضعفاً فى الأداء ومحافظ إئتمان متعثرة مع عجز كبير فى المخصصات وانخفاض فى كفاءة القطاع وضعف الملاء المالية والمؤشرات المالية والنواحى الفنية وتدنى مستوى الخدمات المصرفية التى تتطلبت ثورة فى تطوير الموارد البشرية بالقطاع لتتواكب مع المستجدات المصرفية العالمية الذى تأخر القطاع عن الأخذ بها لسنوات طويلة.

وقد بدأ البرنامج بإصدار قرار بزيادة رؤوس أموال البنوك الأمر الذى ترتب عليه عمليات من الدمج الطوعى والقسرى للوصول الى حجم رأس المال المطلوب من المساهمين وإغلاق عدد من فروع البنوك الأجنبية والوصول بعدد البنوك من 57 بنك الى 39 بنك ثم أصبح عددها 38 بنك فى الوقت الحالى.

وقد تم دمج عدد 6 بنوك متعثرة فى بنوك عامة حيث عجز مساهميها عن توفير الموارد المالية اللازمة للالتزام بحجم رأس المال وسد العجز فى المخصصات وحفاظاً على أموال المودعين وبالتالى الحفاظ على الثقة فى القطاع المصرفى امام المتعاملين وكذا الحفاظ على العاملين بتلك البنوك.

وللقضاء على تعارض المصالح قامت البنوك العامة ببيع حصصها فى البنوك المشتركة وإستخدام حصيلة البيع فى تدعيم قواعدها الرأسمالية، وتم بيع 80% من رأسمال بنك الأسكندرية وفتح الباب امام البنوك الأجنبية للدخول الى السوق المصرفى ونقل الخبرات اليه من خلال عمليات إستحواذ لبنوك قائمة وتزامن ذلك مع إعادة هيكلة وتطويرآداء البنوك العامة نفسها من خلال إنشاء إدارات جديدة وتطوير الموارد البشرية والنظم التكنولوجية المستخدمة ثم التركيز على الحجم الكبير من الديون المتعثرة بالبنوك من خلال انشاء وحدة للديون المتعثرة والتعامل معها ثم تطوير قطاعات البنك المركزى المصرى نفسها ، وكان لذلك دور كبير فى إعداد قطاع مصرفى كفء قادر على تحمل الأزمات وهو ما أثبته خلال الازمة المالية العالمية عام 2008 وما تلى ذلك من أزمات عدة.

ونظراً لأهمية التعامل مع البنوك المتعثرة وإيجاد سند قانونى لتسوية أوضاعها تضمن القانون 194 لسنة 2020 فصلاً كاملاً لذلك حيث تضمن المواد من 149 الى 171 الإجراءات الخاصة بعملية التسوية بأن يكون البنك المركزى هو السلطة المختصة بتسوية أوضاع البنوك المتعثرة ، وأن الهدف من هذه الإجراءات هو الحفاظ على استقرار القطاع المصرفى وحماية اموال المودعين والحد من إستخدام المال العام فى تسوية أوضاع هذه البنوك وتخفيض خسائر الدائنين كلما امكن.

ثم تضمنت المادة 152 الضوابط التى يتم بها تسوية أوضاع هذه البنوك من حيث مراعاة درجة التعثر وان يتم استهلاك الخسائر من حقوق المساهمين والكيفية التى تتم بها معاملة الدائنين.

وتضمنت المادة 153 الحالات التى تحدد كون البنوك متعثرة منها ضعف المركز المالى وعدم قدرة البنك على الوفاء بالتزاماته.

ثم تضمنت المواد من 154 الى 168 العملية الإجرائية لعمليات التسوية بداية من صدور قرار بإعتبار البنك متعثر حتى إنتهاء مختلف الإجراءات الخاصة بالتسوية.

وتضمنت المادة 169 إنشاء صندوق لتمويل إجراءات تسوية البنوك المتعثرة بقرار من مجلس ادارة البنك المركزى تكون له شخصية إعتبارية وميزانية مستقلة ويضم فى عضويته جميع البنوك المسجلة لدى البنك المركزى وتتمثل موارده فى مساهمات البنوك وعائد استثمار هذه المساهمات.

كما تضمنت المادة قواعد تحصيل هذه المساهمات التى ستصل الى مبلغ يقابل نصف فى المائة من قيمة ودائع البنوك ويحظر استخدام هذه الموارد الا بعد تحمل المساهمين وحاملى ادوات الدين الداخلة فى القاعدة الرأسمالية والدائنين بقيمة الخسائر، وفى حالة عدم كفاية الموارد يجوز للبنك المركزى طلب مساهمات إضافية من البنوك ويصدر بالنظام الاساسى للصندوق قرار من مجلس إدارة البنك المركزى.

وتضمنت المادة 170 أنه فى حالة عدم كفاية موارد الصندوق يجوز لوزارة المالية بالتنسيق مع البنك المركزى ان تقدم تمويلاً مؤقتاً اذا كان ذلك ضرورياً للحفاظ على استقرار النظام المالى والمصرفى فى مصر وتضمنت المادة شكل التمويل المؤقت المقدم للبنك المتعثر ، بعد أن يتم التأكد من أن البنك سيتم إدارته بطريقة تجارية ومهنية.

وتضمنت المادة الأخيرة 171 كيفية نظر الدعاوى المتعلقة بإعادة الهيكلة أو الصلح الواقى من الإفلاس أو شهر إفلاس إحدى الشركات التابعة او الشقيقة او الشركة الام لأى من البنوك.

إن الحفاظ على الكيانات المصرفية شئ ضرورى خاصة فى ظل ما تواجهه البيئة المالية من تغيرات مستمرة ومن أزمات ، ومع تعقد الأنشطة التى تقوم بها البنوك فى الوقت الحالى وحجم ما يكتنف هذه الانشطة من مخاطر متنوعة ومتداخلة.

دكتور زكريا صلاح – الخبير المصرفى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى