توقعات قوية بتثبيت فائدة الجنيه خلال إجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس المقبل

السوق تترقب إعلان المركزي عن آخر مستوى وصل إليه معدل التضخم بنهاية شهر يوليو 2020 غدا الإثنين

محمد عبد العال : السياسة النقدية للبنك المركزي المصري تتمتع بدرجة كبيرة من المرونة التى تمكنها من التعامل بكفاءة مع مختلف الظروف والمتغيرات العالمية والمحلية

طارق متولي : هناك عوامل تدعم إمكانية خفض الفائدة وعوامل أخرى تدعم تثبيتها والتثبيت أقرب للواقع

محمد البيه : المركزي سيحافظ على جاذبية الجنيه خاصة بعد الخروج الكبير للأجانب من أدوات الدين الحكومية

رضوى السويفي : المرحلة الحالية لا تتطلب مزيدا من الخفض لأسعار الفائدة والقطاعات الإقتصادية وموازنة الدولة لا تتحمل رفعها والتضخم تحت السيطرة

توقع محللون وخبراء مصرفيون أن يبقي البنك المركزي المصري على فائدة الجنيه دون تغيير خلال إجتماع لجنة السياسة النقدية التابعة له ، المقرر له يوم الخميس المقبل .

وتعقد لجنة السياسة النقدية نهاية الأسبوع الجاري إجتماعها الدوري السادس خلال العام الجاري لبحث مستقبل أسعار العائد الأساسية لدي البنك المركزي ، والتى تعد المؤشر الأهم على اتجاه فائدة الجنيه بالسوق المصرية فى الأجل القصير.

وكانت اللجنة قد قررت ، في إجتماعها الذي عقدته يوم 25 يونيو 2020، تثبيت أسعار العائد الأساسية لدى المركزي عند 9.25% للإيداع ، و10.25% للإقراض ، و9.75% لسعر الإئتمان والخصم وسعر العمليات الرئيسية للسوق المفتوح لدى المركزي.

وقالت اللجنة ، إن هذا القرار يأتي في ضوء قيام البنك المركزي المصرى باتخاذ العديد من الإجراءات بشكل استباقي، متضمنة حزمة من المبادرات الموجهة للقطاعات الاقتصادية المختلفة بالإضافة إلى قيام المركزي بخفض أسعار العائد الأساسية بـ 300 نقطة أساس في اجتماعها الطارئ بتاريخ 16 مارس 2020.

أشارت إلى أنها ترى أن أسعار العائد الأساسية الحالية لدى البنك المركزى تعد مناسبة ، في الوقت الحالي ، وتتسق مع تحقيق معدل التضخم المستهدف البالغ 9٪ ± ( 3٪ ) في الربع الرابع من عام 2020 واستقرار الأسعار على المدى المتوسط.

أكدت أنها سوف تتابع عن كثب جميع التطورات الاقتصادية وتوازنات المخاطر ولن تتردد في استخدام جميع أدواتها لدعم تعافي النشاط الاقتصادي، بشرط احتواء الضغوط التضخمية.

التضخم إلى أين؟

وتترقب السوق إعلان البنك المركزي ، غدا الإثنين ، عن آخر مستوى وصل إليه معدل التضخم بنهاية شهر يوليو 2020.

وسجل التضخم بنهاية شهر يونيو معدلا شهريا سالبا بلغ 0.3% ، مقابل 0.3% فى شهر مايو ، وبلغ المعدل السنوي للتضخم الأساسي 1% فى يونيو ، مقابل 1.5% في مايو.

وارتفع معدل التضخم بالمدن المصرية إلى 5.6 % في يونيو 2020، مقابل 4.7 % في شهر مايو، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء

وسجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 107.5 نقطة لشهر يونيو 2020، مسجلاً انخفاضاً قدره 0.1% عن شهر مايو 2020.

وبحسب الجهاز ، فقد سجل معدل التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية 6% في يونيو 2020 مقابل 5%في شهر مايو 2020، و8.9% فى يونيو 2019.

من جانبه قال محمد عبد العال الخبير المصرفي المعروف ، ” كان الله فى عون كل البنوك المركزية ، فى كل أنحاء العالم ، حيث أنها منذ بداية هذا العام وهى فى مواجهة شرسة ومستمرة مع تداعيات صدمة كوفيد 19 ، بإجراءات وسياسات تاريخية الحدث ، إستثنائية الدوافع ، قاسية التكلفة”.

أضاف ، ” هنا فى مصر لم يختلف الأمر ، بل بالعكس كان البنك المركزي المصري ، عبر لجنة السياسة النقدية التابعة له ، أكثر إصراراً وحرصاً على رسم إستراجيته لتتوافق مع سيناريوهات مختلفة فى ظروف ضغط متنوعة ، مستهدفاً إمتصاص التأثير السلبى لفيروس كورونا على مجمل الأوضاع الإقتصادية واحتياجات السيولة واستقرار سعر الصرف ومعدل النمو”.

أدوات السياسة النقدية

أوضح عبد العال أن أداة سعر الفائدة من أهم أدوات السياسة النقدية ، مشيرا إلى أن إدارة لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري لمنظومة أسعار الفائدة مرت بمرحلتين ، الأولى وهى المرحلة التى بدأت مع بداية الأزمة وتوافقت مع ظروف الإغلاق الجزئي أو الكلى للأنشطة الإقتصادية، حيث تبنت اللجنة سياسة تحفيزية ، إستثنائية  ، إستباقية ، بخفض كبير مرة واحدة قدره 300 نقطة أساس ، وكان ذلك فى منتصف مارس 2020 ،وظلت اللجنة متمسكة بهذا المستوى إلى الآن.

أضاف ، أنه تلى ذلك الإعلان عن مجموعة كبيرة ومنوعة من الحزم التمويلية الموجهة للقطاعات والأنشطة الإقتصادية الإنتاجية ، وبأسعار فائدة مدعمة ، أى أقل  حتى من الأسعار الرسمية المعلنة.

كما صاحب تلك الفترة ايضاً حزمة أخرى من التيسيرات النقدية وغير النقدية والمؤثرة منها تأجيل أقساط قروض وفوائد على التمويل ، لفترات محددة ، ودون غرامات تأخير ، وتضمنت أيضاً تيسيرات للمتعثرين وتشجيعهم على العودة للتعامل ، ومبادرات أخرى للقطاع السياحى وتمويل الأجور للإحتفاظ بالعمالة.

سياسة تحفيزية طويلة المدى

وبحسب عبد العال ، فإن المرحلة الثانية وهى المرحلة المعاصرة معنا الآن ، فإن لجنة السياسة النقدية تتبنى الإستمرار فى سياسة تحفيزية طويلة المدى تتماشى مع إستراتجية الدولة فى تسريع النمو وتعافى الإقتصاد وعودته تدريجياً ، والتركيز على تشجيع التمويل والإستثمار فى القطاعات ذات الإمكانيات المستقبلية المرتفعة.

أضاف ، أنه يمكن القول ، وفقاً لتصوره الشخصى ، إن تلك المرحلة التى تتبنى سياسة تحفيزية مستمرة ، قد تُبنى على مجموعة من الفاعليات ،المرتبطة والمتكاملة مع بعضها ، مشيرا إلى أن تلك السياسة طويلة المدى ، وفى ضوء حالة عدم اليقين لتوقيت انتهاء تلك الأزمة عالمياً و محليًا ، فليس من الضروري أن يكون هناك عجلة فى إجراء تخفيضات تحفيزية لأسعار الفائدة الرسمية ، وإنما يمكن أن يتم ذلك تدريجياً وعلى مدى زمنى متوسط.

أشار عبد العال إلى أن معدلات التضخم المتوقعة خلال الشهور القادمة تؤكد استمرار استقراره فى إطار المعدل الذى استهدفه البنك المركزى وهو 9% زائد أوناقص 3% حتى نهاية العام الحالى ، لافتا إلى أنه قد يكون هناك تغيرات هامشية فى معدل التضخم ، نظراً لتوازن مكونات أهم السلع الداخلة فى تركيبه ، ولكن سوف يظل المعدل رقما أحادياً وفى حدود المستهدف ، وهو الأمر الذى يعنى أن أسعار الفائدة السائدة حاليا متسقة مع معدلات التضخم المتوقعة مستقبلاً.

أضاف ، أنه إذا ما صحت وجهه النظر هذه قد يتطلب الأمر استمرار وتجديد الحزم التمويلية والتيسيرات والإجراءات التى صدرت مع بدء ظهور الأزمة لفترة أخرى ، كما تطلب ذلك استحداث مبادرة جديدة لتنشيط الإستهلاك وزيادة الطلب على المنتج المحلى ، حيث أن كل المبادرات التى تمت فى المرحلة الأولى ، كانت كلها لتشجيع الإنتاج ، ولكن الأمر يتطلب أيضا تشجيع الإستهلاك وزيادة الطلب حتى تستمر عجلة الإنتاج ، مؤكدا أنه لا خوف مطلقا من تولد ضغوط تضخمية ضارة نتيجة طرح تلك المبادرة لأنها أصلا مصحوبة بتخفيضات كبيرة فى أسعار السلع.

تشجيع الإدخار العائلى

وبحسب عبد العال ، فإن السياسة النقدية للبنك المركزي المصري تتمتع ، فى تلك المرحلة بدرجة أكبر من المرونة ، والتى تمكنها من التعامل بكفاءة مع مختلف الظروف والمتغيرات العالمية والمحلية ، فهى تتبنى سياسة تحفيزية حينما تدعم السيولة المالية للشركات والأفراد بخفض الفائدة أو تستحدث إجراءات تيسيرية لدعم إستمرار أعمالها ، والتخفيف من كلفة ممارسة الأعمال، وفى ذات الوقت تتيح الضوء الأخضر لبعض البنوك المملوك أسهمها للدولة لتشجيع الإدخار العائلى بأسعار  فائدة مميزة فى وعاء إدخارى لمدة عام ، نجح فى استقطاب ما يقرب من 300 مليار جنية منذ بدايته ، وهو الأمر الذى يساعد على الإدخار والإستثمار وأيضا تنشيط الإستهلاك وامتصاص أية بوادر لضغوط تضخمية غير مستحبة ، كما ساعد هذا الوعاء أيضا على استقرار سعر الصرف.

أشار إلى أنه مع معدلات الفائدة الثابتة منذ منتصف مارس 2020 ، ومع بدأ تنفيذ خطة عودة التشغيل للأنشطة الإقتصادية ، ومنها السياحة ، فقد صاحب ذلك إعلان معظم مؤسسات التقييم الدولية تثبيت أو رفع درجة الملاءة الإئتمانية لمصر مع نظرة مستقبلية مستقرة ، كما توقعت تحسن كل المؤشرات الإقتصادية والمالية واستقرار سعر الصرف ، كما عزز القرض الجديد لصندوق النقد الدولي تلك المؤشرات المتوازنة الإيجابية عن مستقبل الإقتصاد المصري.

” فى ضوء كل تلك العوامل والمؤشرات يمكن القول إن هناك شواهد ومؤشرات قد توحى بأن اتجاة لجنة السياسة النقدية فى إجتماعها يوم الخميس القادم ، سيكون فى الغالب الأعم ، مع تثبيت سعر الفائدة كما هى عليه حالياً  ، خاصة وأن الإهتمام يتجه أكثر لتنشيط الإستهلاك لعلاج ظهور أية فجوات إنتاجية ، وأيضاً حفاظا على جاذبية الجنية المصرى للعاملين المصريين  فى الخارج ، والمستثمرين الأجانب فى أوراق الدين الحكومية ، وفى ذات الوقت دراسة إمكانية استخدام أدوات التيسير النقدى كبديل مرحلى إذا تطلب الأمر ضخ سيولة أكبر فى شرايين الإقتصاد دون الحاجة الى خفض الفائدة” ، بحسب عبد العال

طارق متولى الخبير المصرفى
طارق متولى الخبير المصرفى

تداعيات فيروس كورونا

من جانبه قال طارق متولي الخبير المصرفي إن هناك عوامل تدعم إمكانية خفض الفائدة ، وعوامل أخرى تدعم تثبيتها ، خلال الإجتماع القادم للجنة السياسة النقدية.

أوضح أنه من بين العوامل التى تدعم خفض الفائدة ، استمرار تداعيات فيروس كورونا المستجد ومحاولات الدولة لعودة الحياة إلى طبيعتها ، مع أخذ كل الاحتياطيات الواجبة لمنع انتشار المرض ، وكذلك عودة بعض القطاعات الإقتصادية الى النشاط التدريجي ، وارتفاع إحتياطي النقد الأجنبي ، بعد نجاح الحكومة في الإتفاق مع صندوق النقد الدولي ، والذى اتاح حوالى 8 مليارات دولار ، منها 4.77 مليار دولار دخلت بالفعل ، والباقى خلال عام من تاريخ الموافقة ، وكذلك نجاح طرح السندات الدولية بمبلغ 5 مليارات دولار.

أضاف أنه من بين العوامل التى تدعم خفض الفائدة أيضا حرص البنك المركزى على دعم الشركات وقطاع الأعمال بسعر فائده مخفض للمساعدة على تسيير الأعمال والحفاظ على العمالة والإنتاج ، وفي نفس الوقت وجود أوعية إدخارية بعائد مرتفع للحفاظ على القطاع العائلي ، ومنها شهادات الـ 15% التي يطرحها بنكا الأهلي المصري ومصر.

” كل هذه المعطيات ، وفى ظل معدلات التضخم الحالية وانخفاض سعر الصرف ، مع عودة الأجانب للإستثمار فى أدوات الدين الحكومية فإن ذلك ربما يعطى صانع السياسة النقدية المجال لإجراء تخفيض لسعر الفائدة” ، بحسب متولي

وعلى الجانب الآخر يرى متولي أنه من بين العوامل التي تدعم تثبيت الفائدة خلال الإجتماع القادم للجنة السياسة النقدية هو ترقب البنك المركزي لمزيد من الإستقرار لمؤشرات الإقتصاد الكلي.

يتوقع متولي استمرار سياسة البنك المركزى فى تثبيت سعر الفائدة ، مع احتمالات ضعيفة بخفضها 1% فقط حتى نهاية العام الجاري ، فى ظل الأوضاع الحالية لتداعيات كورونا ، والإنكماش الإقتصادي على المستوى العالمي ، وعدم استقرار الوضع السياسى بإقليم المتوسط ، والتحديات الكبيرة بالمنطقة ، على أن يتم المضى قدما فى سياسة التسيير النقدى مع حلول العام القادم وتحسن الأوضاع الخارجية واستمرار تحسن الموشرات الإقتصادية.

المستثمرون الأجانب

من جانبه توقع محمد البيه الخبير المصرفي  أن يقوم البنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس المقبل.

أوضح البيه أنه رغم الإرتفاع الطفيف في معدلات التضخم  الذي سجل  5.6% في المدن خلال شهر يونيو 2020، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مقابل   4.7% في مايو، إلا أن استقرار معدل التضخم يظل ضمن هدف البنك المركزي المصري عند مستوى 9% (±3%) حتى نهاية 2020.

أشار إلى تصريحات رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر التي أكدت أن السلطات المصرية ملتزمة بالحفاظ على معدل تضخم منخفض ومستقر، وعلى مرونة سعر الصرف، والسماح بتعديلات في سعر الصرف على نحو منظم.

” وعلى جانب الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة، فبالرغم من الخفض الأخير لأسعار الفائدة في منتصف مارس الماضي وبنسبة 3% الا أن متوسط أسعار الفائدة الحالية يظل جاذبا للمستثمرين، وتلك الجاذبية التي يرغب البنك المركزي في الحفاظ عليها خاصة بعد الخروج الكبير للأجانب من أدوات الدين الحكومية بعد أزمة كورونا بنحو 15 مليار دولار”، بحسب البيه

أشار إلى أنه رغم خروج تلك الاستثمارات في أدوات الدين، الا أن لدى الحكومة المصرية ما يجعلها قادرة على السيطرة على التضخم بعدما دبرت الحصول على 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لمواجهة تأثيرات “كوفيد-19.

وبحسب البيه، فإنه رغم أن المجال لا يزال مفتوحا أمام البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة دون التأثير على معنويات وشهية المستثمرين الأجانب تجاه سوق الدين المحلية، فإن التوقعات تشير إلى أن البنك المركزي سيميل إلى توخي الحذر طوال الفترة المتبقية من عام 2020.

رضوى السويفي رئيس قطاع البحوث ببنك الإستثمار فاروس القابضة
تعافى الإقتصاد من الإغلاق

من جانبها تتوقع رضوى السويفي رئيس قسم البحوث ببنك الإستثمار فاروس الإبقاء على فائدة الجنيه دون تغير في اجتماع المركزي الخميس القادم ، لافتة إلى أنه تم خفض الفائدة 3% في مارس لدعم الإقتصاد و القطاعات المختلفة، و حاليا يتعافى الإقتصاد من الإغلاق تدريجيا فلا داعى لمزيد من الخفض في الوقت الراهن.

شددت على أنه ليس هناك داعى لرفع أسعار الفائدة أيضا، حيث أن حالة الإقتصاد و القطاعات و موازنة الدولة لا تتحمل أعباءا تمويلية أكبر من الحالي، كما أن التضخم لا يزال أقل من مستهدفات البنك المركزي وتحت السيطرة منذ فترة.

أوضحت ان إستثمارات الأجانب في الأذون و السندات المصرية بدأت فى التحسن تدريجيا بعد جائحة فيروس كورونا.

تتوقع السويفي أن يسجل التضخم الإجمالي لمصر 4 % و4.5% في شهري يوليو و أغسطس على التوالي، و 5 % و5.5% خلال الفترة من سبتمبر لنوفمبر ، على أن ينهي العام عند مستوى 6%.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى