بلومبرج : مستثمرو السندات يراهنون على نهاية رفع أسعار الفائدة الأمريكية

أدى احتمال وقف "الفيدرالي" لأعنف حملة تشديد نقدي منذ عقود إلى انجذاب المستثمرين للمتاجرة بفروق أسعار الفائدة التي يفضلونها كثيراً

لأول مرة منذ أن بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة قبل نحو 18 شهراً، تُظهر سوق العمل ما يكفي من العلامات التي تشجع بعض أكبر مستثمري السندات في العالم على المراهنة على انتهاء دورة التشديد النقدي ، بحسب بلومبرج.

وأدت موجة من تباطؤ مؤشرات التوظيف هذا الأسبوع، توجت بتقرير الوظائف في أغسطس، الذي صدر يوم الجمعة الماضي، إلى تحويل ثقة السوق لصالح حيازة سندات الخزانة لأجل عامين، وهي سندات شديدة الحساسية تجاه تغير معدل الفائدة، وهو ما وصفه جيف روزنبرج من شركة “بلاك روك” بـ”شراء صاخب” ستشهد السندات بعده صعوداً هائلاً.

وأدى احتمال وقف بنك الاحتياطي الفيدرالي لأعنف حملة تشديد نقدي منذ عقود إلى انجذاب المستثمرين للمتاجرة بفروق أسعار الفائدة التي يفضلونها كثيراً.

ويتمثل الرهان في تحول التركيز إلى توقيت توجه الاحتياطي الفيدرالي المحتمل نحو التيسير النقدي، وبالتالي تكون السندات قصيرة الأجل أفضل من حيث العائد مقارنة بالسندات طويلة الأجل.

وقد تستفيد هذه الاستراتيجية أيضاً من الاتجاه الموسمي، فعادةً ما تندفع الشركات إلى بيع أدوات الدين بعد عطلة عيد العمال في الولايات المتحدة، مما يضغط على السندات طويلة الأجل.

وقال مايكل كودزيل، مدير محفظة في شركة باسيفيك إنفستمنت مانجمنت ، التي تشرف على 1.8 تريليون دولار من الأصول، إن بيانات الوظائف تجعل “سوق السندات متوافقة مع وجهة النظر القائلة إن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يرفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي وربما قد وصل إلى مستوى الذروة في هذه الدورة”.

أضاف ” إذا وصلت أسعار الفائدة إلى مستوى الذروة، ستتوجه الأنظار إلى إجراء أول خفض لأسعار الفائدة، وهو ما يؤدي إلى منحنيات أكثر انحداراً”، اتساع الفرق بين عوائد السندات قصيرة الأجل وطويلة الأجل.

وفي حين أن التضخم اتجه نحو الانخفاض خلال الأشهر الأخيرة، فإن سوق العمل القوية أصبحت العقبة الرئيسية أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي لوقف رفع أسعار الفائدة بعد زيادة تكاليف الاقتراض بمقدار 525 نقطة أساس (5.25%) منذ مارس 2022، إلى نطاق 5.25% -5.5%.

لكن يبدو الآن أن أوضاع سوق العمل، بدأت تهدأ. أظهر تقرير حكومي يوم الجمعة أن معدل البطالة قفز إلى 3.8%، وهو مستوى غير مسبوق منذ فبراير 2022، وهدأت وتيرة نمو الأجور.

وكان تقرير الوظائف هو الثالث من نوعه الذي يوضح ضعف سوق العمل، خلال الأسبوع الجاري، بعد بيانات فرص العمل الأضعف من المتوقع وتقرير معهد إيه دي بي ريسيرش الذي يظهر تباطؤ الوظائف الإضافية التي توفرها الشركات الأميركية.

وابتهج مستثمرو السندات بهذه البيانات بعد أن أدت عمليات البيع المتواصلة في أغسطس إلى ارتفاع عائدات السندات لأجل 10 سنوات لأعلى مستوياتها منذ عام 2007. أنهى المعدل، وهو معيار للاقتراض العالمي، الأسبوع دون 4.2%.

ويرى كاميرون كريس، كاتب مقال في “بلومبرج” أنه “رغم أنه سيكون من التهور بعض الشيء في هذه المرحلة أن نستبعد تماماً فرصة رفع أسعار الفائدة مرة أخرى، ففي هذا الوقت، لا يبدو أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يلجأ إلى رفعها مجدداً ، قد يفتح ذلك فرصة لارتفاع السندات بالقيمة الاسمية، على الرغم من أن السؤال المطروح ما إذا كانت العوائد الحقيقية يمكن أن تصبح إيجابية خلال الفترة المتبقية من العام”.

وتفوّق أداء سندات الخزانة قصيرة الأجل يوم الجمعة، مما أدى إلى أن يكون منحنى العائد أكثر حدة. انخفضت عائدات السندات لأجل عامين بنحو 20 نقطة أساس خلال الأسبوع إلى أقل من 4.9%. في الوقت نفسه، لم تتغير عوائد السندات لأجل 30 عاماً كثيراً خلال الأسبوع عند حوالي 4.30%، بعد ارتفاعها فوق عوائد سندات لأجل 5 سنوات لأول مرة منذ أسابيع.

وقال جورج جونكالفيس، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي الأميركي في “إم يو إف جي” إن تقارير التوظيف تبدو وكأنها “بداية النهاية لسوق العمل القوية والعد التنازلي في المدة التي لا يغير فيها الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة”.

أضاف “وهذا الوضع مفيد للشركات التي تبيع السلع والخدمات إلى المستهلكين أكثر من الشركات التي تقدم خدمات للشركات الأخرى، مثل تجار الجملة والمصنعين”، موضحاً أن عوائد السندات لأجل عامين قد تنخفض نحو 4.5%.

 

ويرى المتعاملون في عقود مقايضة أسعار الفائدة أن هناك احتمالاً أقل قليلاً من 50% لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى بحلول نوفمبر 2023 .

وبعد ذلك، يراهنون على تخفيض معدل الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية بالكامل بحلول شهر يونيو 2024.

ومع تباطؤ نمو الأجور، قال روزنبرج، مدير محفظة لدى “سيستماتك مالتي- استراتيجي فاند” التابع لـ”بلاك روك” الذي تبلغ قيمته 7.4 مليار دولار، إنه يتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض تكاليف الاقتراض لتجنب تقليص السعر الحقيقي-أو سعر الفائدة المعدل حسب التضخم.

أضاف روزنبرج لتلفزيون “بلومبرج”: “الأمر يتعلق بتشديد السياسة النقدية لفترة أطول، وليس بمعدل أعلى ولفترة أطول”.

وتابع قائلا ً: وهذا ما تراهن عليه سوق السندات للعام المقبل. انخفاض التضخم بشكل تدريجي، يجعل بنك الاحتياطي الفيدرالي مضطراً إلى خفض أسعار الفائدة، ليس بسبب هبوط الاقتصاد هبوطاً عنيفاً، ولا لأنه بالغ في رفع أسعار الفائدة والسياسة التقشفية، وإنما لأنه يسعى إلى تجنب المغالاة في السياسة التقشفية”.

وقال روزنبرج إنه يفضل سندات الخزانة لأجل عامين لأنها تتمتع بعائدات عالية بالإضافة إلى احتمال الاستفادة من التحول في سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي. أوضح أن السندات طويلة الأجل أقل جاذبية بسبب الشكوك المحيطة بالتضخم وعلاوة المخاطر.

وتراجعت عائدات السندات طويلة الأجل يوم الجمعة لأن المتعاملين يترقبون مزيداً من إصدار الشركات لأدوات الدين الأسبوع المقبل، حسب سوبدرا راجابا، رئيسة استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في بنك “سوسيتيه جنرال”.

وأضافت أن الرهان على اتساع الفرق بين عوائد السندات مختلفة الأجال يستند إلى دعم الأسس الاقتصادية.

وقالت راجابا: “منحنى العائد سيكون أكثر حدة.. إما أن تبدأ السوق في الرهان على خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، ويتجه المنحنى نحو الصعود، وإما يبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة عند المستويات الحالية بفضل البيانات القوية، وبالتالي قيام المستثمرين ببيع السندات الطويلة الأجل في هذه الحالة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى