محمد عبد العال يكتب : لِماذا استمرت أسعار الفائدة ثابتة؟؟

قررت لجنة السياسة النقدية ،فى اجتماعها الخامس هذا العام والمنعقد بتاريخ 5/8/2021 ، الإبقاء على أ سعار ‏‏الفائدة دون تغيير للمرة السادسة على التوالي ، ‏وهو ما يعني أن مستويات الأسعار القائمة ، مستمرة فى اتساقها وتوازنها ، مع معظم الفاعليات والمؤشرات الإقتصادية الرئيسية.

فإذا بحثنا عن أسباب ذلك سنجد العديد من الدلائل منها على سبيل المثال وليس الحصر : ‏

أولاً : ‏ارتفاع معدل التضخم السنوي لأسعار سلع المستهلكين لإجمالى الجمهورية إلى5.3% في يونيو الماضي ، مقارنة ب 4.9% فى الشهر السابق ، كما ارتفع معدل التضخم الأساسي من 3.4% فى شهر مايو إلى 3.8% في يوليو ، ‏وتشير التوقعات باستمرار ‏ارتفاع معدل التضخم خلال الفترة القادمة لأسباب مختلفة ، من أهمها تأثير الارتفاعات المحتملة في أسعار النفط، والسلع الاستهلاكية والإستراتيجية عالميا ، وهو ما قد ينعكس بعد حين على أسعار السلع المحلية ، ولكن من المتوقع أيضا أن يظل معدل التضخم رقما أحادية ، قابعا بين حدي ‏المدى الذي استهدفه البنك المركزي وهو ( 7 % زائد او ناقص 2% ) أي بين تسعة وخمسة في المائة ، وفي ضوء ذلك يكون التفكير فى أى تعديل لأسعار الفائدة مرحلياً أمر قد يكون غير مبرر.

ثانياً :من ناحية أخرى ‏فإنه فى تصورى ، أن أحد الأسباب التى تدعو إلى ثبات الفائدة هو التحوط ضد أية مخاطر محتملة لظواهر ركود فى بعض الأنشطة نتيجة انخفاض الطلب الاستهلاكي ، حيث تلاحظ تسجيل مؤشر مديري المشتريات الرئيسي 49.1 نقطةً فقط في يوليو الماضى منخفضا من 49.9 نقطة في الشهر السابق.

ومن الجدير بالذكر هنا أن أرقام التضخم الحالية ، أو المتوقعة ، مقارنة بمتوسط منحنى العائد على الجنيه، مازالت تشير إلى فارق عائد حقيقى معقول جدا ، وهو ما كان يتيح للسلطة النقدية إمكانية أن تقوم بإجراء خفض جديد ، ولكنها فضلت الاستمرار على المستوى الحالي لأسعار الفائدة ، دعماً لمدخرات القطاع العائلى ،ولإتاحة عوائد مميزة على مدخراتهم ، بما يضمن لهم دخلا ثابتا، يساعد على خلق طلب مشتق على السلع والخدمات ، فلا إنتاج بدون استهلا .

ثالثا : إن السياسة النقدية الحكيمة فى إدارة تغيرات سعر الفائدة لعبت دورا مهما فى دعم النمو وتوفير السيولة اللازمة للأنشطة الإقتصادية، مما ساعد على العبور الآمن من صدمة كورونا.

ومن أبرز إيجابيات ونتائج تلك السياسة هو استمرار تدفق النقد الأجنبى من جميع المصادر ، الأمر الذي عكس استمرار نمو الاحتياطي بالنقد الأجنبى لدى البنك المركزي المصري ، والذى ينموا شهرياً وايجابيا مسجلا حتى الآن 40.6 مليار دولار أمريكى، ومقتربا بالتدريج من مستواه السابق قبل الجائحة.

إن احتفاظ مصر باحتياطي نقدى جيد يغطي الإحتياجات الاستيرادية والإستراتيجية وسداد الإلتزامات الدولية فى مواعيدها لمدد تصل إلى سبع أشهر هو أمر ساعد على استقرار سوق النقد وتوفر السيولة بالنقد الأجنبى ، ودعم استقرار الجنيه المصري ، وشجع تحويلات العاملين المصريين فى الخارج، وجذب شرائح أكبر ومتنامية من الإستثمار الأجنبى غير المباشر فى أوراق الدين العام الحكومية.

رابعاً : فى ظل هيكل أسعار الفائدة الحالي، حققت مؤشرات الإقتصاد الكلى استقرارا ، شهد به كل مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية، التى أبقت على تصنيف مصر الإئتماني دون تغير منذ الجائحة وحتى الآن، مع الاحتفاظ بالنظرة المستقبلية المستقرة للإقتصاد المصري.

كما حقق الإقتصاد المصري مؤشرات مالية قوية ، تمثلت فى تحقيق فائضا أوليا 1.4% وانخفاض العجز الكلى إلى 7.4% مع توقع تحقيق معدل نمو 5.5% وتحسن معدلات التشغيل.

إن لجنة السياسة النقدية تراعى دائما أن تتوافق توجهاتها وفقا لتطور الأوضاع المحلية والإقليمية والعالمية ولصالح الإقتصاد المصرى والمواطنين ، وسوف تظل سياسة نقدية فائقة التيسير شديدة المرونة فى دفع النمو الإقتصادي ودعم الإقتصاد القومي ، والحفاظ على استقرار الأسعار واتخاذ كل الخطوات والإجراءات التي تتطلبها مستحدثات الأحداث العالمية والمحلية ، وهذا ما أكدته لجنة السياسة النقدية الموقرة فى بيانها الذى قررت فيه إبقاء أسعار الفائدة على ما هي عليه.
محمد عبد العال
الخبير الاقتصادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى