دكتور علاء على يكتب .. حرية تبادل المعلومات.. وتعزيز التكامل المصري العربي مصرفيا

[clear]علي مدار سنوات عديدة مضت- ظل الحديث عن فكرة تحقيق التكامل بين الدول العربية وبعضها البعض ، وبينها وبين مصر مجرد احلام واهية – مجرد شعارات تطرح ، وليس لها وجود فعلي علي أرض الواقع ، وطيلة تلك العقود ظلت فكرة التكامل العربي المصري مجرد أمال لم يحالفها الواقع بأن تري النور ، وتكون خطوة نحو إنشاء تكتل عربي قوي ومؤثر في خريطة الإقتصاد العالمي تحديدا علي غرار الإتحاد الأوروبي، وأن يكون هناك توجه نحو تأسيس بنك مركزي عربي – تجتمع تحت رايته كافة الاقتصاديات العربية- بشكل يكون بمثابة محرك قوي نحو إنشاء نظام إقتصادي عربي قوي يمتلك من التنافسية ما يعزز من تواجده عالميا وخاصة علي الصعيد المصرفي تحديدا، فعندما يتم إنشاء البنك المركزي العربي ، سيكون هو المصدر الوحيد لعملة عربية موحدة ، وسيقوم بتنظيم الصناعة المصرفية عربيا والإشراف عليها.

دعني عزيز القارئ ، وأنا اتحدث إليك من خلال هذا المقال ، بأن أقولها بكل حيادية تامة ومطلقة – الدولة المصرية استطاعت أن تعيد مكانتها الإقليمية وريادتها العربية علي مدار ال6 سنوات الماضية، فهذا التحول لم يكن ليتحقق إلا في ظل وجود قيادة سياسية تمتلك قدرا كبيرا من الحرفية في التعامل مع الملف العربي، ليس ذلك فقط – بل إن ما سعت إليه مصر بقيادتها السياسية وقواها الإقتصادية تحديدا نحو إستعادة تعزيز فكرة التكامل بين مصر والدول العربية وخاصة إقتصاديا – يمثل بادرة أمل نحو أن ننطلق بكل قوة للحديث عن تكامل إقتصاديا ولكن علي صعيد أكثر تخصصا ، وهو التكامل المصري العربي مصرفيا- ولعل التكامل المصري العربي مصرفيا قد يكون نواة الإنطلاق نحو تحقيق التكامل الاقتصادي الأكبر بكافة أشكاله بين كافة الدول العربية ومصر.

ويأتي التكامل بين مصر والدول العربية مصرفيا في ضوء التحولات الإيجابية التي تشهدها الساحة الإقليمية والعالمية من تحديات إقتصادية – لعب فيها النظام المصرفي في العالم ومصر خاصة الدور الأكبر في مواجهة تلك التحديات وإعاده رسم الإستقرار الإقتصادي في إطار خطط المواجهة لتلك التحديات، ولعل أهمها مؤخرا التحديات الإقتصادية السلبية لجائحة كورونا علي كافه الأنظمة الإقتصادية ،والتي إستوجبت قدرا كبيرا من الإختلاف في نظم المواجهة والتكيف مع تداعيتها السلبية الإقتصادية ، ولعل ذلك يتضح جليا فيما تم تنفيذه من إجراءات مصرفية متميزة إتخذها البنك المركزي المصري في إطار خطة الدولة المصرية لمواجهة تداعيات جائحة كورونا الإقتصادية، ولعل آلية المواجهة التي أسس لها البنك المركزي المصري – نالت إستحسان وإشادة كافة المؤسسات المصرفية والإقتصادية العالمية ، والتي أشادت بالاحترافية الممتزجة باستخدام احدث الأساليب العلمية المصرفية في التعامل مع تداعيات أي أزمة عامة كانت أو اقتصادية ، والتي كانت ومازالت في قدر كبير منها تعمل وفق أسلوب الاستباقية في التعامل ، وليس فقط أسلوب رد الفعل – وهو مايعني أن البنك المركزي المصري أسس لمرحلة ونمط مصرفي مختلف في أركانه وأساليبه في التعامل مع الأزمات ، ولعل هذا الأسلوب هو ماكانت بدايته الحقيقة فيما قام به البنك المركزي المصري في تنفيذ وتطبيق خطه الإصلاح الإقتصادى المصري في نوفمبر 2016 برؤيه مصرفية إحترافية مثلت الدواء المر لمعالجة كافة الآلام الاقتصادية التي أصيب بها جسد الإقتصاد المصري قبل ذلك التاريخ.

وفي سياق هذا المقال – وبالبناء علي ماسبق ذكره – فإن حلم تحقيق التكامل بين مصر والدول العربية مصرفيا – هو حلم مكتملة أركانه وآليات تنفيذه ، لا يحتاج سوي لخطة مرحلية لتنفيذ ملامح هذا التكامل وفق ظروف ومقتضيات الأنظمة المصرفية العربية ، والتي تتشابه إلى حد كبير في تكوين بنيانها المؤسسي والمعلوماتي ، ولعل وجود بنيان معلوماتي متكامل يحتوي علي كافة المعلومات والبيانات تمثل داعما رئيسيا لنجاح أي نظام مصرفي فرديا كان أو إقليميا.
فحرية الحصول علي المعلومات وسهولة تبادلها بين الأنظمة المصرفية العربية تعتبر نقطة الإنطلاق الحقيقية نحو نظام مصرفي عربي متكامل- تستطيع المنطقة العربية من خلاله أن تجني مكاسب إقتصادية علي الصعيد المصرفي ، وأن يكون ذلك بمثابة تحرك حقيقي نحو تعزيز الشمول المالي عربيا برعاية مصرية يقودها البنك المركزي المصري، كما أن بعض الدول العربية لديها بنى تحتية متطورة تمثل قاعدة يمكن البناء عليها لتطوير الصناعة المصرفية عربيا، ويمكن تعزيز التعاون بين تلك الدول لنقل خبراتها لباقي الدول العربية بما يسهم في تعزيز التنمية الشاملة للمنطقه العربية ويدفعها لتطوير النظام المصرفي لديها بشكل يعزز من فكرة التكامل العربي مصرفيا، كما أن المنطقة العربية تخطو بقوة نحو تحقيق التحول الرقمي للحاق بركب الثورة الصناعية الرابعة والإستفادة من مكتسباتها بما يوفر بيئة ملائمة لتعزيز التكامل بين دول المنطقة العربية على كافة الأصعدة بالاستفادة من ثورة الإتصالات والمعلومات، وهو ماقد يكون عاملا مساعدا في دعم حرية تبادل المعلومات والإستفادة منها بين كافة الدول العربية – بما يسهم في تعزيز فكرة التكامل المصري العربي مصرفيا، هذا بالإضافة إلي أن اتفاقيات التجارة الحرة العربية قد تكون داعما قويا لحرية تبادل المعلومات والإستفاده منها بين كافة دول المنطقة العربية، ولعل ذلك مايعد عاملا قويا في إنجاح فكرة التكامل العربي المصري مصرفيا.

واخيرا ، فإنه لابد أن تدرك الدول العربية مجتمعة بأن حرية تبادل المعلومات في ظل مجتمع تجتاحه كافة أشكال العولمه بكافه صورها ، فنحن الآن أمام مجتمع معلوماتي منفتح علي بعضه ، وأصبحت حريه تبادل المعلومات شرطا رئيسيا من شروط تحقيق التنمية الإقتصادية المستدامة، فلا حديث عن تكامل إقليمي مصرفي بدون أن تكون كافة المعلومات متاحة وسهل الحصول عليها، فحريهدة المعلومات لم تعد أمرا يصعب التعامل فيه، فطالما لاتتعلق بالأمن القومي للدول ، فهي متاحة للتبادل والتعاون فيها للإستفادة منها ، فعند النظر إلي حجم المكاسب المحققة من حرية تبادل المعلومات قاريا وخاصة اذا كنا نتحدث عن نظام مصرفيا متكامل ، ولاشك أنه مع حجم التحولات الإقتصادية المصرية الايجابية التي شهدها الإقتصاد المصري علي مدار ال6 سنوات الماضية – فلعل أهم ماتميزت به الإدارة المصرية مؤخرا هو الإستباقية في تنفيذ أية خطوات من شأنها أن تعود بالنفع علي الأشقاء العرب – إنطلاقا من دور مصر الإقليمي عربيا ، كما أن مصر لن تتدخر أي جهد في سبيل مصلحة الدول العربية وخاصة الإقتصادية ، لذلك فإن خطوة التحرك صوب دعم حرية تبادل المعلومات عربيا لتعزيز خطوة التكامل العربي المصري مصرفيا ، وكذلك دعم خطة تنفيذ الشمول المالي الإقليمي العربي المصري في ضوء رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، والتي أري أنها قد تكون الداعم الأول لفكرة تعزيز التكامل المصري العربي مصرفيا.

دكتورعلاء على

رئيس مجموعة المتابعة والرقابة علي الإئتمان والإستعلام والمعلومات الإئتمانية بالبنك الزراعي المصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى