محمد عبد العال يكتب : إلغاء الدولار الجمركى يقضى على التشويه فى سوق النقد

فى خطوة قد تكون غير متوقعة ، ولكنها من المؤكد مدروسة التأثير، محسوبة التوقيت ، أعلنت وزارة المالية الغاء ما يسمى  ” الدولار الجمركى ” ،  بما يعنى العودة إلى تقدير الرسوم الجمركية المقررة على السلع المستوردة –  دون تمييز – على أساس  قائمة أسعار العملات المعلنة من البنك المركزى المصرى يومياً .

ومن المعروف أنه منذ تحرير سعر الصرف فى نوفمبر ٢٠١٦ ،  حرصت السياسة المالية المُنسقة تماماً مع السياسة النقدية ، على أن يكون سعرالدولار الجمركى أقل من  السعر المعلن فى الجهاز المصرفى، بحوالي جنيهين  ، والغرض كان السعى لخفض تكاليف السلع المستوردة   – مرحليا ومؤقتاً – بغض النظر عن كونها سلعاً  استراتيجية أو غير إستراتيجية.

واستمر هذا الوضع حتى الأول من ديسمبر ٢٠١٨ ، حين استحدثت وزارة المالية سعرا جمركيا ، ثان ،  جديد يطبق على السلع الإستراتيجية  فقط  ، ويتحدد شهريا من قبل وزارة المالية ،  وكان يقل فى المتوسط  نسبياً عن السعر  اليومى الحر  بحوالي جنيهين ، مع تطبيق الأسعار الحرة على السلع الاخرى غير الاستراتيجية .

واستمر تطبيق ذلك حتى الأول من سبتمبر الجارى ، حين صدر قرار وزارة المالية الجديد الذى ألغى  كل الإستثناءات الدولارية الجمركية ، مؤكداً الإخضاع الفورى لكافة السلع المستوردة بكل أنواعها ومكوناتها ومصادرها ،وكذا كل المعاملات الجمركية إلى الأسعار الحرة اليومية الصادرة من البنك المركزى.

ولكن هل  لهذا القرار ثمة  تأثير على بعض المؤشرات المعروفة  ، مثل معدل التضخم ، أو عجز الموازنة …الخ ؟؟

 مبدئيا هذا القرار نجح فى إلغاء التشويه الذى كان قائما فى السوق النقدى ، بوجود ظاهرة تعدد أسعار الصرف فى نظام نقدى واحد ، وهو الأمر الذى يتيح درجة أعلى من الإستقرار النقدى على الأقل من الناحية الشكلية.

كما يحقق النظام الجديد شفافية ومرونة واستقرارا فى آلية  تحديد أسعار ومستلزمات الإنتاج  والسلع المستوردة ، نتيجة التحديث والتوحيد اليومى لأسعار الدولار الجمركى ، بما يتيح درجة من العدالة فى التسعير ،، وأيضا يُمكن  المستوردين من التقدير المسبق لأسعار سلعهم المستوردة عن طريق العقود الآجلة بما فيها تكلفة الجمارك مقدما.

حيث يمكن  وفقا للنظام الجديد تغطية مخاطر تقلبات أسعار العملة  لفئات الجمارك بعقود أجلة ، وهو الأمر الذى يكون مستحيلا فى حالة وجود سعر للدولار الجمركى يختلف عن السعر الحر السائد فى السوق ومثبت لمدد كانت تطول الى شهر .

لن تتاثر أسعار السلع غير الإستراتيجية بهذا القرار لاستمرار فئاتها الجمركية كما هى ، فى الوقت الذى سوف ترتفع فيه أسعار السلع الإستراتيجية فوراً بما يعادل الفرق بين سعر الدولار الجمركى القديم والسعر الحالى ، أى  ما يقرب من نصف جنيه.

ونعتقد أن أثر ذلك قد يكون على المدى القصير سلبياً ، حيث يمكن أن يعوضه انخفاض أسعار ذات السلع عالمياً ، نتيجة الركود الإقتصادى العالمى وانخفاض أسعار النفط .

ولذات الأسباب نعتقد أن تأثير ذلك القرار يمكن أن يكون أيضاً  هامشيا على معدل  التضخم فى الأشهر القادمة ، خاصة اذا ما استمر الدولار مقابل الجنيه المصرى فى الإنخفاض ، واستمر إنخفاض أسعار الفاكهة والخضروات واللحوم ، لأسباب مختلفة من أهمها نقص الطلب لضعف القوة الشرائية للمستهلكين .

وبناء عليه من غير من المتوقع أن يكون هناك زيادة فورية فى إيرادات وزارة المالية ، سواء من الرسوم الجمركية أو ضريبة القيمة المضافة من جراء هذا القرار.

محمد عبد العال

الخبير المصرفى – عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى